في بلاد عبيد فرنسا سمع أحد الشّباب من أبناء العاصمة صوت القرآن الكريم ينبعث من أحد البيوت في شكل نادر الحصول ببلادنا المنكوبة فتساءل: هل هناك ميّت في هذا البيت؟! فأجابه عجوز سمع سؤاله: “ليس هناك ميّت وإنّما الميّت هو قلبي وقلبك عندما أصبحنا ننظر إلى القرآن على أنّه للموتى والجنائز والبكاء والله يقول: ((إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِين))”.. هذه الواقعة تصوّر جانبا من واقع في زماننا تحت حكم العسكر عندما أصبح الدّين لا مكان له في كثير من جوانب حياتنا وواقعنا وأصبح البعض منا يرون بلسان الحال أنّه ينبغي أن يُحجر عليه داخل أسوار المساجد وتُقصر أحكامه على الصّلاة والصيام والجنائز ويتبرّك به في عقود المتعة..!
قبل شيوع وسائل التواصل الاجتماعي مرّت ستة عقود وبفضل الجنرالات استأثر فيها الشيوعيين أعداء الاسلام بحصّة الأسد في وسائل الإعلام وفي المشهد الثقافي داخل بلادنا انتشر من خلالها الفكر الشيوعي في المجتمع الهش وتغلغل في أوصاله وصبغ ثقافته ووجّه قناعاته حتى صار الكفر وسب الذات الإلهية وزنا المحارم واقعا معيشا بين فئات المجتمع المختلفة وليس بين الطبقة المثقفة ثقافة غربية فحسب وبين حرية المعتقد والدين وحرية الجنس والجسد ضاعت أجيال وراء اجيال.. أصبح كثير من المواطنين يتعاملون مع الإسلام تعاملَ النّصارى مع دينهم المحرّف ويرى أنّه يكفي الواحدَ منهم أن يخصّص له ساعة كلّ أسبوع يجرّ فيها قدميه إلى المسجد جرا ليسجّل حضوره وهو ينتظر على أحرّ من الجمر تسليم الإمام ليستأنف حياته التي لا يهمّه فيها إلا أن تكون عنده حصته من الجعة واقراص الهلوسة او منع الحمل لزيادة هرمون الانوثة وزوجته تمارس الدعارة لتنفق على أغراض البيت.. وربّما تجد بين كثير ممّن يحافظون على الصلوات الخمس في أوقاتها في المساجد من يرتضون العلمانية دينا كلّما تعلّق الأمر بالحلال والحرام فتجد الواحد منهم يهتمّ بحكم الشّرع وبالسّؤال كلّما تعلّق الأمر بالصّلاة والجنائز ومفسدات الوضوء لكنّه لا يهتمّ بالسّؤال إذا تعلّق الأمر بالمعاملات المالية الربوية واكل مال اليتيم حيث يبحث عن مصلحته الآنية وإذا سمع من يزجره ويذكّره بالحرام تبرّم قائلا: “كلّكم أصبحتم مُفتين! حرّمتم علينا كلّ شيء…” ولو كان الأمر الذي يُنبَّه إليه من المحرّمات المجمع عليها كالرّبا والزنى والفاحشة!.. القرآن ما عاد له من حظّ في حياة كثير من الجزائريين مغي المآتم وفي قراءة الفاتحة في زواج المتعة والزواج العرفي للتغطية عن الزنى والفساد وما عاد له من مكان في بيوتنا في سوى مصاحف تزيّن الرفوف ولوحات قرآنية تعلّق على الجدر بالقرب من صور عمي تبون وتمائم تعلّق في السيارات وحول الرقاب لدفع العين! فعلا لقد نجح الجنرالات مند عهد المقبور بومدين من استئصال الإسلام .